بقلم : نزار البراق
انتهى الأمر اذاً ، قالها وهو يضع اخر قطعة
أثاث في الشاحنة التي ستغادر المدينة بعد قليل ربما بلا رجعة ، قالها وقلبه ينفطر
من فراق وطن وُلد وعاش فيه طيلة عمره كله ، وطنٌ انجب فيه ابنه محمد ذو الاعوام
الستة ، قالها وهو يحاول إخفاء تلك الدمعة التي ترقرقت في عينه ، اخذ مكانه بجانب
السائق ، أطل من نافذة الشاحنة ، نَادَى على محمد الذي كان قد تأخر لسبب لا يعلمه
، هم بالنزول للبحث عنه لكنه ما كاد أن يفعل حتى ظهر محمد خارجاً من الفناء الخلفي
للمنزل يحمل صندوقاً من الورق المُقوَى بالكاد يقدر على حمله لتعلو الدهشة وجهه ،
فقد تأكد بنفسه من جمع كل مقتنيات محمد ، نزل من الشاحنة ، إقترب منه ، سأله عما
بداخله لكن محمد لم يجب ، سأله ثانية لم يجب ، ومرة ثالثة فلم يجب حتى إستشاط غضياً
، قرر فتح الصندوق المقفول بشريط لاصق قوي ، أخرج سلسلة مفاتيحه وبالمدية الصغيرة
المدلاة منها قام بقطع الشريط ، فَتح الصندوق ، فشاهد شيئاً لم يكن يتوقعه ، ما أن
شاهده حتى تحولت تلك الدمعة التي كانت تحاول الإختباء إلى شلال من الدموع لم يقو
على إيقافه ، حمل الصندوق ، وضعه في مكان أمن مع باقي الاثاث دون أن يتفوه بكلمة ،
إنطلقت الشاحنة تسلك طريقها إلى أرض جديدة ، طوال الطريق راح يختلس النظر إلى محمد
غير مصدق بأن هذا الطفل قرر أن يحمل معه تراب الوطن
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق